الإمام الحسين حياة الاسلام

الإمام الحسين حياة الاسلام

تكلم الكثير عن الإمام الحسين عليه السلام من منطلقات مختلفة و كثيرة كل حسب توجه بما يراه الكاتب أو ينظر إليه . فالبعض اثر التركيز على الجانب العاطفي في قضية الإمام الحسين عليه السلام لما للجانب العاطفي من اثر في تحفيز وإثارة المشاعر لقضية الإسلام الكبرى وما وقع علية من مصائب وويلات بفعل الطغاة والظالمين ودس جهلاء و شيوخ السوء , عن طريق قضية الإمام الحسين وواقعة كربلاء وهو أكثر ما ركز عليه في قضية ألطف الخالدة وبقيت الجوانب الأخرى مهملة أو شبه مهملة والبعض الآخر اثر التركيز على الجانب الاجتماعي والبعض نظر إلى البعد ألجهادي في نهضة الإمام علية السلام والبعض نظر إلى الجوانب الباطنية في تلك الثورة العظيمة والبعض نظر إلى الجانب الأخلاقي وأبعاد نهضة الحسين الأخلاقية وما يترتب عليها من دروس وعبر أخلاقية وهم قليلون مع شديد الأسف . فالمنهج الأخلاقي قد يكون أهم منهج بين تلك الاتجاهات والمناهج لحركة لم يقدر لها أن تنجح عسكريا فان لم تنجح عسكريا منهاجها المعنوي أكيد ومضمون بل وتعييني . فحركة الإمام الحسين لم تكن حركة أحادية الجانب أو آنية بل شملت كل الجوانب وعمت كل ألازمان . فيصدق أن نقول ذو بعد عاطفي واجتماعي وأخلاقي وجهادي وو .....الخ والبعد الديني الإصلاحي هو الإطار العام لحركته عليه السلام فحركته علية السلام حركه شمولية جامعة لأنها حركة إلهية ومن قام بها وفجرها هو اعلم الخلق بأبعادها ومناهجها ولهذا استمرت بهذه الدرجة من القوة طوال تلك القرون وستبقى خالدة إلى يوم الدين لم تزحزح عن مكانها برغم أعاصير الطغاة والظلمة والجبابرة الذي ينكسرون ويطاطون الرؤوس عند تلك النهضة الإلهية. التي انكسر عندها كل مد الظلم والطغيان أصبح هذا الصوت الذي أطلق في كربلاء جدار صلب يتحطم عليه جبروت اعتى الجبابرة كما أصبح هذا الصوت كوابيس يقض مضاجع الظلمة . أصبح هذا الصوت أقوى من كل الذين يحاولون مصادرة الأرواح ومن يسبحون في سيول الدماء عندما قال أبي الأحرار علية السلام (هيهات منا الذلة) الذين تجلت في هذه الصيحة أسمى آيات العزة وإباء فما أراد الإمام الحسين عليه السلام بخروجه من يقول أو يزعم أن الإمام الحسين علية السلام خرج لعصبية قبلية كما يدعي البعض فهو بلا شك أو طمعا في ملك وسلطان دنيوي لم يصب الحقيقة أو لا يريد أن يصيبها لأنه يغمض عينيه عنها ولا يريد أن يراها أو انه يريد كما يقول البعض أن يغيض الرافضة (وإنما يميل إلى هذا جاهل بالسيرة عامي المذهب يضن انه يغيض بذلك الرافضة)[1] فنهضة الحسين عليه السلام عديدة الأبعاد عميقة بعيدة المدى عميقة الأغوار • الموقف من خلافة يزيد فهو لم يرد الخروج على يزيد لان بني أمية استولت على لحكم من بني هاشم أو ليس لحكم دنيوي أو لاندفاع نحو خط السلطة كما فعل الغير. وإنما لما رأى في يزيد خصوصا والأمويين عموما من خطر على الدين وشريعة سيد المرسلين وإهمال الشريعة و التجاهر بالفسق والمحرمات و الزنا بالمحارم واللعب بالقرود . لم يرد لأمة جده أن تحكم بمثل هذا النموذج المنحرف الذي اجهر بالمنكر وطمس المعروف , فخروج الإمام على يزيد عليه أللعنة من اجل أن لا يضيع الدين بين تلك الشهوات والاهواء وهذا اعلن عنه الامام عليه السلام في حركته قائلا (ما خرجت اشرا ولا بطرا ولكن لطلب الاصلاح في امة جدي امرا بالمعروف ناهيا عن المنكر) فخروج الامام الحسين خروج إصلاحي في امة أعاد لها الأمويون كل نعرات الجاهلية الاولى بعد ان فسدوا وافسدوا . ولا شك عند ظهور الفساد من واجب الامام الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإظهار الحق ودحض الباطل كما عليه ان يظهر علمه لردع الدعوات الضالة المضلة والاتجاهات المنحرفة حتى لا يقع الناس في متاهات وظلالات . وخصوصا وان شخصية كشخصية الإمام الحسين يكون تكليفه تجاه ألامه اكبر من أي شخص آخر لعلمه بحقائق الامور وتشخيصه للمصلحه بدقه وعمق . وهذا ما رآه وصرح به عليه السلام ولسان حاله يقول ( اذ كان دين محمد لايستقيم الا بقتلي فيا سيوف خذيني) فهو راي كما قلنا من دقة تشخيصه كامام معصوم وراعي لهذه ألامه ان هذا الدين العظيم لا يستقيم الا بدمه واستشهاده عليه السلام . ولهذا يقال الدين محمدي الوجود حسيني البقاء • كما ان خروجه عليه السلام نصرا للمظلومين والمقهورين وتحمل المسؤولية الكبيرة تجاه الرعية التي امتحنت في حكام فسقة ظلمة عملوا على إضاعة الدين والقيم ألمحمديه فالرسول الكريم يقول ( كلكم راعي وكلكم مسؤول عن رعيته) وهو خير من دافع عن ألرعيه عليه الصلاة والسلام فخروج الإمام الحسين عليه السلام نصرا و مسؤولية تجاه ألرعيه التي امتحنت في دينها • كما انه أراد أن يعطي بثورته الخالدة دروسا للاجيال من اجل ان لا تتحكم بهم الطغاة والظلمة والفسقة كيزيد واشباهه كما يقول رسول الله صلى الله عليه واله وسلم (من راى سلطانا جائرا يحكم بغير ما انزل الله فلم يغير من ذلك السلطان فعل أو قول كان حقا على الله أن يدخله مدخله)[2]. وهو خير من يطبق السنة واعلم بها من غيرة . فعلى الاجيال ان تتعلم وتتحلم المسؤوليات الجسام الثقال كما تحملها ابا الاحرار علية السلام من اجل ان تبقى امة متماسكة مضحية صلبة وان تستفيد من الدرس الحسيني الخالد في التضحية لحفظ هذه التعاليم العظيمة كما هي مسؤولية الامة من اجل الحفاظ على دينها من عبث العابثين وان تستن بسيرة الامام في الحفاظ على هذا الدين الخالد يقول الشهيد الصدر المقدس (قدس) (الدين بذمتكم والمذهب بذمتكم لاينبغي التفريط به من قريب أو من بعيد) وما هذا الكلام إلا لوعي وفهم الدرس الحسيني الخالد فعندما توصف حركة الإمام الحسين عليه السلام بالخالدة ليس اعتباطا ولا من باب المجاملات أو التشوية العقدي أو التاريخي ولا هي حركة انيه انتهت باستشهاد الإمام عليه السلام بل هي خالدة حاضرة ومستقبلية لان الإمام بخروجه وان كانت المواجه حصلت بين جيش الإمام الحسين وجيش الشام مباشرة إلا ان اهدافها وابعادها اوسع واعمق من هذه المواجه التي انتهت بهزيمة جيش الإمام عسكريا فانه عليه السلام استهدف الطغاة على مر التاريخ والعصور من اجل ان يبقى دمه وذكره وجهاده ثورة ضد الباطل وأهل الباطل والطغيان والطغاة والظلم والظالمين لم يرد لهذه ألامه أن تذل بعد أن اعزها الله سبحانه وتعالى (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ)[3] وان تسلم ألامه دينها ودنياها بيد اولاد البغايا واولاد الادعياء وجهلائها بعد ان حاول دثره المنافقون الذين دخلوا الاسلام خوفا من بوارق المسلمين , كما قال سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل العدوي للشامي الذي ارسله مروان بن الحكم ليبايع ليزيد (عليه لعائن الله) يامرني مروان ان ابايع لقوم ضربتهم بسيفي حتى اسلموا , والله ما اسلموا ولكن استسلموا[4] لم يرد الإمام عليه السلام لهذا النموذج أن ينمو ويكبر كما لم يرد له أن يتكرر فابى الامام الا ان يقدم نفسه الشريفه أضحية لهذه الأمة لكمي تستقيم على الطريق الذي خطه رسول الله والذي اراده الله لها والذي حاول الأمويون حرفه عن جادة العقل والصواب إلى طريق البدع والظلال فبقي الامام بين خيارين لا ثالث لهما اما الذله والهوان وبالتالي ضياع الامة ودينها واما الشهادة والرفعة والنصر للدين والحفاظ على الشريعة المحمدية الأصيلة لهذا نرى الإمام يقول (إن هذا الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين بين السلة و الذلة وهيهات منا الذلة يأبى الله لنا ذلك و رسوله والمؤمنون وأصلاب طاهرة وأرحام مطهرة من ان نؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام) كما ان الله سبحانه يأبى لمن اعزه ان يذل . كما ان صاحب النفس الأبية يقدم مصارع الكرام على طاعة اللئام وأبناء اللئام كما يقول علية السلام لهذا يقول عليه السلام يقول (ان مثلي لا يبايع مثلك) شتان بين ربيب الوحي وربيب البغايا شتان بين الكرام واللئام بين ابن فاطمة وابن هند آكلة الأكباد . الإمام عليه السلام عندما قرر النهوض حاول البعض منعه او جعله يتراجع عن موقفه و كانوا من يسمون أنفسهم بالعقلاء يخوفون الإمام عليه السلام بالموت وكانوا يمنونه السلام كانوا لا يتصورون أن التضحية يمكن أن تكون بديلا لحياة بالامكان الاحتفاض بأنفاسها مهما كانت هذه الأنفاس بل تلقاها من سادة الرأي في المجتمع الإسلامي وهذه النصائح كانت تعبر عن نوع من الانهيار النفسي الكامل الذي شمل زعماء وسادة المسلمين فضلا عن الجماهير التي كانت تعيش هذا الانهيار مضاعفا في أخلاقها وسلوكها و أطماعها ورغباتها كما يقول السيد الشهيد الصدر الاول رضوان الله تعالى عليه. كما يقول(قدس) وهو ما حاول به الإمام تغيير هذه الأخلاقيات أي تغيير أخلاقيات الهزيمة في المجتمع المسلم [5] الى اخلاقيات النصر والايجابية, فكان لابد أن يختار الشهادة الذي استطاع أن يهز ضمير الأمة من ناحية ويشهرها بأهمية الإسلام وكرامة هذا الدين من ناحية ثانية . وان يدحض عملية تحويل الخلافة إلى كسرويه وقيصرية من ناحية ثالثة[6] كما يقول السيد الصدر الأول قدس سره

[/size] الإمام الحسين حياة الاسلام 86228

[/center]